مراحل خلق الجنين
لنتأمل من خلال هذه المقالة المراحل التي اكتشفها العلماء حديثاً لتطور خلق الجنين في بطن أمه، ونقارن هذه المراحل بما جاء في كتاب الله تعالى قبل أربعة عشر قرناً، ونكتشف التطابق المذهل، بما يشهد على السبق العلمي للقرآن في علم الأجنة...
لو تتبعنا مراحل خلق الجنين والأطوار التي يمر بها لوجدنا وصفاً علمياً دقيقاً في كتاب الله لكل مرحلة، وهذا الوصف مطابق لآخر ما توصلت إليه البحوث الطبية! وإن وجود هذه المراحل بدقة في القرآن هو سبق علمي ودليل على إعجاز هذا الكتاب العظيم وأنه كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى.
سوف نعدد أطوار خلق الإنسان من القرآن الكريم، ونرى ما يقابل كل طور أو مرحلة مما توصل إليه الباحثون في علم الأجنة. يقول تعالى:
1- (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ
2- ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً
3-فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
4-فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
5-فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً
6- فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً
7-ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12-14 ">.
هذه هي المراحل القرآنية، وسوف نرى المراحل العلمية لخلق الجنين:
1ـ مرحلة النطفة: وهذه هي المرحلة الأولى التي يتحدث عنها علم الأجنة وهي إلقاء النطفة في القرار المكين وهو الرَّحِم.
وكما نلاحظ في بداية الآية حديث القرآن عن مرحلة سابقة هي مرحلة الطين. وهذه المرحلة تؤيدها الأبحاث التي تدرس مكونات جسم الإنسان، والتي تبين أن جميع هذه المكونات موجودة في الماء والتراب. وهذا يثبت أصل الإنسان علميّاً. فالعناصر التي تكوِّن جسم الإنسان جميعها موجودة في الطين.
نطفة الرجل وتتألف من ثلاثة أقسام، الرأس والجسم والذيل
2ـ مرحلة العَلَقَة: وهذه هي المرحلة الثانية في خلق الجنين، فبعد أن تجتمع النطفة المذكرة والبويضة المؤنثة تخترق النطفة جدار البويضة وتبدأ رحلة انقسام الخلايا، وبعد أيام تتشكل مجموعة من الخلايا تذهب لتعلق على جدار الرحم وتتغذى منه.
وهنا يتحدث القرآن الكريم عن المرحلة الثانية من مراحل الخلق وهي العلقة. ويجب أن نتذكر بأن أول آية نزلت من القرآن تتحدث عن حقيقة خلق الإنسان من عَلَقْ، يقول تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ) [العلق: 1-2">.
3ـ مرحلة المضغة: والآن بعد تعلُّق العلقة بجدار الرحم تتكاثر وتتغذى ويكبر حجمها وتصبح كقطعة اللحم الممضوغة ! وهنا يتحدث كتاب الله تعالى عن هذه المرحلة بدقة. إذن المرحلة الثالثة هي مرحلة المضغة، وهذا ما نشاهده عند تكبير الجنين وهو في هذه المرحلة فيظهر كقطعة لحم تم مضغها، وسبحان الله ! ما هذه الدقة في التصوير؟
مرحلة المضغة، ويبدو الجنين كقطعة اللحم الممضوغة
4ـ مرحلة العظام: ثم تأتي مرحلة خَلْق العظام التي يتحدث القرآن عنها. وهذا ما أثبتته آخر أبحاث علوم الأجنة حيث اتضح أن تشكل العظام يبدأ في مرحلة مبكرة من عمر الجنين قبل خلق اللحم.
5ـ مرحلة اللحم: يقول عز وجل عن هذا الطور من أطوار خلق الجنين. وفي هذا التسلسل: العظم ثم اللحم، تتجلى معجزة تظهرها لنا الصور الملتقطة للجنين في بطن أمّه، كيف تخلق العظام أولاً ثم تُكسى باللحم ثانياً.
وحتى عهد قريب كان الأطباء يظنون أن تسلسل العمليات يتم بعكس ذلك، أي يعتقدون أن خَلْق اللحم يتم قبل خلق العظام، وقد ثبُت لهم عكس ذلك بما يتوافق مع النص القرآني.
6ـ مرحلة التصوير والخلق الآخر: والآن تجري داخل خلايا الجنين بعد مرحلة إكسائه باللحم عمليات معقدة جداً لم يستطع العلم الحديث كشف أسرارها. يتكون خلالها شكل الجنين وصفاته وتبدأ معالمه بالاتضاح. وبعد كل هذه الحقائق وهذه الدقة البالغة، هل يمكن لإنسان أن يقول عن القرآن إنه ليس كتاب علوم؟ إنني على يقين تام بأن علوم الدنيا كلها موجودة في هذا القرآن ولكننا لا نحيط إلا بالقدر اليسير الذي يسمح لنا به الله تعالى. فالقرآن هو كتاب فيه علم الله ! وعلم الله تعالى لا تحده حدود.
وهنا يعجب المرء: كيفِ استطاع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أن يعرف بدقة هذه المراحل؟ وهو لا يمتلك أجهزة التصوير الحديثة، وليس لديه مختبرات، بل ليس لديه أي وسيلة من وسائل البحث العلمي الحديث؟ إن الذي علمه هذه العلوم هو الله تعالى!